مقالات

أين نحن من تطبيق قانون الإثراء غير المشروع من أين لك هذا ؟!

بقلم// الشيخ مظهر الحموي

هو سؤال ما زال يتردد صداه منذ أزمان بعيدة موغلة في القدم والعراقة ، وكان له ذلك المعنى البليغ الفاعل المؤثر ، وصار بعد ذلك شعاراً تردده المعارضة في وجوه المسؤولين فلا المسؤول يهتم به ولا المعارض يطبقه على نفسه كما كان يطلب من سواه.
روي قديما أنه ولي أحدهم على ناحية من البلاد ، فجاء بثروة لافتة للنظر، ولما سئل عن ذلك المال قال: هذه لبيت المال ، وهذا أهدي إلينا، فكان سؤال النبي ﷺ والذي يحمل في طياته الجواب: (فَهَلَّا جَلَسْتَ في بَيْتِ أبِيكَ وأُمِّكَ، حتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إنْ كُنْتَ صَادِقًا ).
ولما تولى أحدهم إمارة اليمن عمل في التجارة فأثري وعاد إلى المدينة زائرا فبادره أمير المؤمنين طالبا إليه أن يعيد هذه الثروة الى بيت المال
منطلقا في ذلك من مبدأ عظيم رائد : ( الإمارة والتجارة لا تجتمعان )
ولم يأت الصباح حتى كان المال في بيت مال المسلمين.
ولما أرادت زوجة الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز وهي إبنة الخليفة عبد الملك وشقيقة الخلفاء من أبنائه أن تحمل حليها إلى دار الزوجية قال لها زوجها عمر : من أين لك هذا قالت : هو ارث من والدي عبد الملك فقال عمر : ومن أين جاء به عبد الملك؟ أودعيه بيت المال فلبت بالطاعة بمحض الإرادة.
في تلك الأيام كان الناس يعيشون عيشة رضية ، حيث كان عمر بن عبد العزيز وحده الجائع مع غلامه ودابته، فقال لمزاحم خادمه : كيف حال الناس يا مزاحم؟ فأجاب : لقد شبعت الرعية ولم يبق غيري وغيرك يا أمير المؤمنين وهذا البرذون ( الدابة)
إخواني بالله عليكم اسألكم أجيبوني : أين نحن من هذا ؟!
هذه ومضة من ومضات من أين لك هذا .
ودولتنا العتيدة شرّعت منذ فترة بعيدة قانون الإثراء غير المشروع من أين لك هذا؟!
ومنذ أكثر من خمسة وعشرين سنة والناس تترقب تنفيذ هذا القانون (الإثراء غير المشروع) ، بعد أن طال الحديث عنه لسنوات بل ولعقود متتالية دون أي بارقة أمل ليصبح قيد التحقيق .
وإذا عدنا إلى الوراء رأينا كم طوي هذا القانون في ظل الحكومات المنصرمة وأخفي في الأدراج حتى كاد المواطنون ينسون أمره .
وبين الحين والآخر ولمناسبات خاصة وخدمة لأهداف غير خافية على أحد تطل دعواه ثم لا تلبث أن تخمد بسرعة وتخبو على أمل من يوقظه من سباته.
وكم كنا نأمل لهذا العهد الجديد فضل السبق في إنجاز هذا القانون ليطل بكل جدية وعزم وتصميم من أجل ضبط المال العام ورصد أي محاولة للإثراء غير المشروع على حساب الخزينة، أو أموال الناس بعد أن شاهد الجميع في برنامج يسقط حكم الفاسد وغيره من البرامج اخبار الهدر والرشاوى والسمسرات والصفقات والإختلاسات مما لم يعد من مناص للتسريع بتنفيذ هذا القانون حتى يطمئن المواطن الى ماله والى سلامة الوضع الاقتصادي بصورة خاصة.
ولا شك ان تطبيق قانون الإثراء غير المشروع سيكون إطلاقا نحو تحصين الإقتصاد اللبناني وتطويق مسارب الهدر والسرقة التي صار بعضهم يطلق عليهم أسماء أخرى مثل الشطارة والتجارة والسمسرة وما الى ذلك من مسميات مخادعة ما هي في حقيقتها وجوهرها إلا جمع مال من حرام ومن وجه غير مشروع البتة.
وإذا ننوه فعلا بمدى جدية هذا المشروع وضرورة فائدته من أجل ملاحقة عصابات الإثراء غير المشروع ، ونؤكد في الوقت نفسه أن إيجابياته ستنعكس بصورة جدية على المال العام وستحد من ثروات الذين تسول لهم أنفسهم سرقة مال الشعب ..
إخواني وأخواتي إن تطبيق قانون الإثراء غير المشروع أمر ضروري وحيوي لوقف السرقة وإبتزاز المواطن والدولة حتى يعود الحق الى نصابه وتعود ثروة الشعب إلى الشعب.

أخوكم الشيخ مظهر الحموي

عضو اللجنة القضائية في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى

رئيس لجنة الدعوة والمساجد وحماية التراث في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في الجمهورية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
toto gacor gacor slot bacan4d slot toto bacantoto bacan4d login toto 4d slot toto bacan4d login slot casino bokep viral indo slot gacor