مقالات

أين انتفاضة حَمَلَة الأقلام؟

بقلم// حكمة. س. أبو زيد*

مسألة “إستدعاء” المباحث الجنائية الإعلاميين للتحقيق معهم، تكاد تتحوّل قصة “ابريق زيت” لبنانية بعدما انتهى زمن الجدّات اللواتي كنّ يتلاعبن بسرديتها بمشاعر وعواطف أولاد السنوات الغابرة، التي صارت هي، أيضاً، من مخلّفات الماضي وعتيقه.. وجاء استدعاء بشاره شربل وكارين عبد النور يوقظ القصة من عميق نومها.

كصحافي، من “عمر الخبز”، ارفع القبعة إحتراماً للمباحث الجنائية ونشاطها ودورها في مكافحة الجريمة، وتعقب المجرمين، وحماية البلاد والعباد من شرهم وخطرهم. ولكن، هل الصحافيون والإعلاميون هم في نظر المجتمع من فصائل المجرمين الذين أُوكل للمباحث العامة أمر التحقيق معهم في حال الإشتباه بارتكابهم مخالفة معينة بسبب قلم أحدهم، أو موقع له، على وسائل التواصل الاجتماعي؟؟

شخصياً، لا أحمّل المباحث مسؤولية قيامها بهذا العمل. فالمسؤولية هي على أهل الحكم في هذه الدولة، وعلى العقلية المريضة والمتخلفة، التي لا تأبه لمثل هذه المسائل الحساسة التي لا تزال تطفو على سطح القوانين التي حصرت بمحكمة المطبوعات حق النظر بـ “جرائم” المطبوعات المرتكبة من الصحافيين والإعلاميين. ودعوني أعلن بالفم الملآن والخط العريض ان معظم أهل الحكم، والطارئين على السلطة، لا يعرفون شيئاً عن نضالات الصحافيين وتضحياتهم وشهدائهم الذين استشهدوا في حروب تكريس سيادة الكلمة وحماية حرية الكاتب والكتابة. علماً بان استعمال تعبير “جرائم المطبوعات” هو جريمة بحق الفكر والكلمة والقلم والحضارة عموماً.

لقد دفع الصحافيون القدامى الأثمان الغالية قبل ان ينتزعوا من اشداق حيتان السلطة وتماسيحها قانون المطبوعات النافذ راهناً، والذي يتذرع البعض بخلوّه من النصوص التي تتلاءم مع مستجدات النشر ووسائلها البصرية والمكتوبة وتلك العابرة القارات وسمواتها. وهل اذا كان الفيسبوك أو التيك توك أو انستغرام ظهرت بعد وضع قانون المطبوعات يعني بطلان صلاحية هذا القانون، وتشريع تجاوز روحه وأهدافه ومراميه، واطلاق الحرية لكل من يشاء كسر قلم أو تدجين صاحب رأي أو موقع إعلامي؟؟

لا يا سادة، في أي موقع كنتم، وأي مسؤولية نيطت بكم، لبنان ليس هكذا ولن يكون. لبنان والحرية واحد لا يتجزأ ولا يتقسم. لبنان يحاسب القلم خارج اطار قانون المطبوعات ليس لبنان شهداء مشانق العثمانيين أو الشهداء اللاحقين ومنهم: نقيب الصحافة رياض طه، وسليم اللوزي، ونسيب المتني، وجبران تويني، وحسين مروه، وسهيل طويله، وسمير قصير… وحسن صبرا ومي شدياق وهما شهيدان حيّان أطال الله بعمرها. أما انتم يا نواب الأمة فأين موقفكم الجماعي الرافض هذه الممارسات؟ أين عملكم لإلغاء أي ذريعة تجيز تجاوز قانون المطبوعات؟ والأهم أين الموقف الموحد لأهل الصحافة والاعلام رفضاً لهكذا تصرّف؟ عجباً هل دُجّن حملة الأقلام في هذه الأيام؟!

*صحافي وكاتب سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
toto gacor gacor slot bacan4d slot toto bacantoto bacan4d login toto 4d slot toto bacan4d login slot casino bokep viral indo slot gacor