هدية نفيسة ووثيقة تاريخية مهمة في كتاب الدكتورة ليلى أبو شقرا “حماة الثغور”

كتب// ماجد الدرويش

هدية نفيسة، ووثيقة تاريخية مهمة، جادت بها الدكتورة الفاضلة ليلى أبو شقرا الموقرة، في زيارتها منذ أيام إلى صرح جامعة الجنان رفقة أستاذنا المؤرخ العروبي المناضل الدكتور صالح زهر الدين.

هذا الكتاب هو تأريخ علمي واجتماعي، هو علمي لأنه يترجم لأشخاص خمسة من كبار الشخصيات العربية والإسلامية في زمنهم، كانت لهم مساهمات لا تخفى، وهم:
الأمير شكيب أرسلان.
الأمير عادل أرسلان.
الأستاذ عجاج نويهض.
الأستاذ عارف أبو شقرا.
الأستاذ عارف بيك نكد.
خمسة لا تخطئهم ذاكرة المجاهدين والمناضلين الذين نالوا شرف التصدي للمخاطر التي احتفت بالأمة منذ أواخر القرن التاسع عشر، وحتى نهاية القرن العشرين.

وقد أجادت الدكتورة الفاضلة حين أسمت الكتاب:
حماة الثغور
فإنهم كانوا فعلا من حماة الثغور.
وقد قدم للكتاب سماحة شيخ العقل القاضي الدكتور سامي أبو المنى، والذي أتجرء بتعداده اليوم في جملة حماة الثغور ، فإنه كتب كلمة على كل من منا أن ينظر إلى هذه الطائفة الكريمة من خلالها، ومن خلالها فقط، ومما قاله:

“ولئن كنت أثمن عالياً نتاج هؤلاء الأعلام البارزين وتعلقهم بهوية الموحدين الثقافية والقومية واللغوية، فإنني لا أتبنى جميع ما تناولوه من قضايا فكرية ودينية، فذلك يحتاج إلى نقاش أوسع، لكنني أجدها مناسبة لتأكيد التعريف بالموحدين الدروز كما سبق أن أدرجته في كتابي، أسوة بسواي من العارفين، فالموحدون مسلمون ديناً، موحدون عقيدة و مذهباً، فالدين عند الله الإسلام، ومصطلح مسلك التوحيد هو أصدق مصطلح للتعريف عنهم، إذ إن مذهبهم ليس ديناً تبشيرياً جديداً، ولا هو فلسفة بحتة أو تصوفاً مطلقاً أو رهبنة، بل إنه ثمرة اجتهاد فلسفي ديني تنامى تباعاً مع أئمة الدولة الفاطمية، وجاء في سياق استعداد فكري وتنظيمي واسع، إلى أن انتظم بصورته الأخيرة في عهد الخليفة الفاطمي السادس الحاكم بأمر الله في مطلع القرن الحادي عشر الميلادي، وهو بالتالي مسلك توحيدي برز في الإسلام ، وترعرع في الشيعة ، وتبلور في الإسماعيلية، وبدت معالمه واتضحت في صورة هذا المذهب الفاطمي المعروف بـ «مسلك التوحيد».

حمل هذا المذهب مؤثرات عصره الفكرية والفلسفية، فأخذ بالكثير من تلك المؤثرات والاتجاهات العقائدية والفكرية، وعدل بعضاً منها، دون المساس بأصول العقائد، ثم إنه توقف بالإمامة عند الخليفة الحاكم بأمر الله الذي يُعد عند الموحدين الدروز خاتم الأئمة من سلالة آل البيت، أما القرآن الكريم فهو المرجع الأساس لمعرفة الأمور العقائدية والآداب الاجتماعية والخلقية، وكذلك الأحكام التشريعية، ومعنى التوحيد عند أرباب المسلك مرتبط بمعنى الإحسان الذي أشار إليه الرسول (صلى الله عليه وسلم )، والذي هو أعلى درجات الإسلام والإيمان، تماماً كما أن الحكمة هي أرفع درجات العلم والمعرفة.

ولئن كانت تسمية الموحدين بـ «الدروز» قد أصبحت هي الغالبة مع الوقت، فإنَّ اسم «الدروز» ليس هو الاسم الحقيقي لأهل التوحيد، لما يرتبط به من خروج عن الحقيقة كما حاول بعض الدعاة المدعين حرفهم عنها، ومن تنكر للفرائض الإسلامية التي يقر بها الموحدون، ولكن إقرارهم بها لا يقف عند مدلولها الحسي الظاهري المتعلق بأعمال الجوارح فقط، وإنما يدعو إلى تحقيق غاياتها المقصودة في تهذيب النفس وتقريبها إلى خالقها، إذ إن الفرائض هي كالدين ذاته، وسيلة للتطهر والرقي المعنوي والروحي وليست غاية بحد ذاتها”. انتهى.

هذه الشخصيات الخمس، كما تقول الدكتورة ليلى: “وازنة في مجتمعها ومحيطها، لا تزال حتى اللحظة تنبض بوجع اللبنانيين والعرب والمسلمين والمرأة الإنسان، وفلسطين الوصية، واللغة العربية؛ صنعت لها بصمتها المميزة التي عبرت حدود الزمان والمكان وتقاطعت واختلفت فكان أن دُرست مساهماتها جمعًا لا إفرادا بتقاطعها وتمايزها، ابتداء بالإطار الداخلي لبني معروف وصولاً إلى الإطار الإسلامي والدولي العام؛ مضيئة على ما قدموه في الفكر، وفي الأدب، وفي اللغة، عبر مسيرتهم التي تنوعت بين رحلتهم في غياهب ذاتهم الإنسانية وتفاعلها مع المحيط وهذا أفضل ما يظهر في نتاجاتهم الشعرية حيث تتألق العاطفة بحرية الإبداع؛ وبين الأنواع الأدبية النثرية التي طرقوها والتي تماهت مع نظرتهم إلى الحياة كرحلة جهاد أي رحلة عمل، والموت لأجل الحياة، ورؤيتهم للرافعة التي ستساعد الشباب اللبناني والعربي والمسلم على القفز فوق العثرات، وإعادة الإنتاج وإعمال العقل، وتغليب العلم، والنجاة من أطر الاستهلاك والجمود والتكرار الذي يصل أحيانا إلى حد الاجترار”. انتهى

شكرا دكتورة ليلى أبو شقرا المحترمة.
وشكرا لأستاذنا المؤرخ الدكتور صالح زهر الدين.
وشكرا لجامعة الجنان واسطة عقد العلماء والأدباء والمؤرخين.