“الضربة الحاسمة”.. هل دمّرت أميركا النووي الإيراني حقًا؟/ علي قصّاب
تضاربت الروايات بين إعلان ترامب للنصر وتحفظ للاستخبارات!

في مشهد ممزوج بالدخان، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من لاهاي أن واشنطن ضربت “قلب المشروع النووي الإيراني”. وتفاعلت وسائل الإعلام مع هكذا تصريح.. لكن خلف هذا الاستعراض، يبدو ان هناك روايات طفت على واجهة المشهد نفسه، فبينما يؤكد البيت الأبيض “تدمير كامل” للمفاعلات، تشير تقارير أجهزة الاستخبارات العسكرية الأميركية أن الضربة لم تكن سوى تأجيل مؤقت لطموح طهران القاضي بامتلاك القنبلة النووية.
بعد أيام من الضربة الأميركية الأخيرة، يُطرح السؤال: هل نحن أمام عملية عسكرية حققت أهدافها؟ أم أننا أمام تسويق سياسي لضربة محدودة؟ وهل باتت ايران بلا ميزان الردع النووي؟!
بات التناقض واضحا بين ما يتم الإعلان عنه وما يُسرّب إلى وسائل الإعلام. إلا أن الروايات القائمة تكشف الوجه الآخر لما يسمى بـ”الضربة الحاسمة”…
=== بقلم علي قصّاب – الحقيقة في سطور
ليس المهم في السياسة أن تُطلق الرصاص، بل أن تُقنع العالم بأنك حققت هدفك. هذا ما تحاول إدارة ترامب تحقيقه بالترويج لـ”الضربة الحاسمة” ضد المنشآت النووية الإيرانية. لكن وراء إعلان النصر ترسم تقارير استخباراتية صورة مختلفة عن حجم الإنجاز.
في التفاصيل، فقد وصف الرئيس الأميركي الضربة بأنها “حاسمة” على هامش قمة الناتو في لاهاي، مؤكداً في السياق أنها “دمرت كل ما لم تستطع إسرائيل تدميره”. لا بل ذهب أبعد من ذلك حيث شبه هذه اللحظة بـ”هيروشيما”، مبشراً أنها نهاية لحرب بـ”ضربة واحدة”. لكن هل تماشى الواقع بالدرجة نفسها في الخطاب السياسي؟
البيت الأبيض يروي أمراً آخر
وفقًا لتقرير أولي نشرته وكالة “رويترز”، كشفت الاستخبارات الأميركية (DIA) أن الهجوم لم يكن بالحجم الذي يتم التسويق له. فرغم استهداف المنشآت الرئيسية مثل “فوردو” و”نطنز” و”أصفهان”، إلا أن التقرير خلص إلى أن الهجوم لم يحقق سوى تأخير بسيط في جدول الطموح النووي الإيراني، وليس “قضاء تاماً” كما يتم الإعلان عنه، وذلك يعود إلى عاملين هما:
- مخزونات “اليورانيوم” لم تُدمر بشكل كامل
- البنية التقنية للبرنامج النووي قابلة للاستئناف
إذاً، الوقائع على الأرض تشير إلى فجوة واضحة بين الروايتين، منها أن التصريحات السياسية أتت متفائلة ومبالغ فيها إذ تسعى لإظهار الضربة كإنجاز تاريخي، فيما التقييم العسكري جاء متحفظا يؤكد أن الأثر كان محدودا. في حين بقي الموقف الإيراني نفسه، لم يظهر أي تراجع عن مواقف ما قبل الضربة، ما يرفع الشكوك حول فعالية العملية أساسا.
على ما يبدو أن إدارة ترامب كانت تبحث عن مكسب سياسي أكثر من تحقيق نصر استراتيجي في منطفة الشرق الأوسط، خصوصا بعد الرد الإيراني على الضربة الذي سارع الرئيس الأميركي إلى شكر إيران عليها باعتبار أنها كانت محدودة، لإظهار صورة أميركا بأنها ما تزال في قمة قواها أمام الحلفاء وفي الداخل أيضاً.
بالنتيجة، نستطيع القول أن الضربة كانت سياسية مع أثر محدود، وذلك لأن الحرب مع ايران لا تُحسم بالقنابل وضربات الجزاء الفردية، ولا يمكننا قياس نجاح هكذا سيناريوهات بمجرد إعلانات إعلامية. فالحقيقة ما تزال مبهمة، والضربة ليست نهاية الحرب إنما بداية القصة، والإجابة عن توقف برنامج إيران النووي يبقى مع مرور الوقت.