حرب إيران: هل حمت اسرائيل.. أم انقذت نتنياهو سياسياً؟/ علي قصّاب
من متّهم في مجزرة 7" أكتوبر" إلى بطل المعارك ضد طهران!

حرب إيران، التي قد تبدو للبعض ضرورة أمنية، قد تكون في الواقع فرصة ذهبية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتثبيت صورته كقائد قوي وإعادة رسم الأولويات الداخلية. لكن هذه الحرب، رغم ما قدمته من مكاسب سياسية محتملة، لم تمحِ الأسئلة الكبرى التي لا تزال تلاحقه…
رغم اتهامه بالتقصير في “7 أكتوبر”، عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الواجهة كقائد لحرب وجودية ضد إيران.. لكن: هل كانت ضرورة أمنية أم فرصة سياسية؟!
بعد أن فشلت المعارضة الإسرائيلية في إسقاط نتنياهو، وتراجعت الانتقادات مع بداية التصعيد مع إيران، بدا وكأنه نجا سياسيًا. لكن خلف هذا الهدوء، تُطرح أسئلة حقيقية يتم تداولها في عواصم القرار حول “الأهداف الحقيقية للحرب” منها: “من يتحمل المسؤولية عن كارثة السابع من أكتوبر؟، وهل ستتمكن المعارضة من إفشال محاولاته لتحويل الأزمة إلى انتصار سياسي؟”.
فيما يبدو أن المشهد السياسي والعسكري يتشابك أكثر مما يوضح، تبقى الحقيقة غائبة وسط دخان المعارك ودهاليز السياسة. لكن ما كسبه نتنياهو من الحرب ربما لا يخطر ببال أحد.
الهروب من وحل غزة
قبل الضربة على إيران، كانت حكومة نتنياهو تتعرض لضغوط داخلية متزايدة بسبب تعثر الحرب على غزة ومجازر “7 أكتوبر”. فجأة، تبدّل المشهد: الخطر الإيراني طغى على إخفاقات الجيش الإسرائيلي في القطاع، وتم تأجيل مساءلة رئيس الحكومة عن مجازر أكتوبر التي عصفت بإسرائيل.
ترميم صورته كـ”قائد في وقت الخطر”
قدّم نتنياهو نفسه كقائد لا يهاب إيران، بل يضربها، وسط أزمة سياسية داخلية وشكوك حول شعبيته. الصحف المؤيدة شبّهته بـ”ديفيد بن غوريون”، مؤسس الدولة العبرية، الرجل المعروف عنه أنه يقول “لا” لأميركا عندما يتطلب الأمر.
محاولة إعادة العلاقات مع واشنطن
رغم التوتر السابق بين سياسة تل ابيب وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، فإن انجرار واشنطن إلى استهداف منشآت مثل فوردو النووية الإيرانية مثّل خطوة رمزية لتعزيز التحالف من جديد وإظهار أن أمن اسرائيل ما يزال من أمن أميركا، علماً أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سارع بعدها إلى الإشارة بوضوح إلى رغبته بإنهاء الحرب بسرعة، ما يضع علامات استفهام حول عمق هذا التفاهم.
تنشيط اتفاقيات “أبراهام”
بحسب تصريحات نتنياهو، فإن الإنجاز ضد إيران قد يُمهّد لتوسيع التطبيع مع دول جديدة. عبارات تُقرأ كجزء من تسويق سياسي داخلي أكثر من كونها إنجازا واقعيا. هذه الاتفاقيات التاريخية لم تكن فقط دبلوماسية، بل فتحت الباب أمام التعاون الاقتصادي والأمني والتكنولوجي. فقد تم توقيعها في سبتمبر 2020 بوساطة أميركية، شملت في البداية الإمارات والبحرين، ثم انضمت دول أخرى مثل السودان والمغرب.
ومع ذلك، بقي رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يعتبر إيران تهديدا وجوديا منذ أكثر من عقد، يواجه اتهامات من خصومه السياسيين، بأن دخوله الحرب لم يكن استجابة لخطر طارئ، بل محاولة لمحو أثر الإخفاقات الأمنية الكبرى، خصوصا في ظل مقارنته المستمرة بما يُعرف بـ”أكتوبر الأسود”.
بالمحصلة، رغم كل المكاسب السياسية التي قد تكون الحرب مع إيران قد قدمتها لنتنياهو، ما يزال الجدل مستمرًا حول ما إذا كانت هذه الحرب مجرد مسرحية سياسية لتلميع صورته أم أنها كانت ضرورة استراتيجية حقيقية.. الوقت جدير بكشف ما سيأتي لاحقاً.
✍️ بقلم: علي قصّاب