إشكالية نزع سلاح حزب الله

بقلم// العميد الركن المتقاعد فواز عرب
تفرد حزب الله بمساندة حماس في حربها مع اسرائيل تحت شعار “وحدة الساحات” حيث بدأت الاشتباكات بين الحزب واسرائيل ضمن قواعد اشتباك غير معلنة ومحدودة المساحة حتى توسعت وخرجت عن السيطرة.
جرى استهداف امين عام الحزب ومعظم كوادره وقياداته وصولا الى تفجيرات البيجر واللاسلكي حيث استهدف الآلاف من كوادر الصف الاول والثاني ناهيك عن تدمير اكثر من ٤٠ قرية على الحدود الجنوبية المحاذية بشكل كلي وتدمير جزئي للعديد من البلدات والقرى في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية إضافة إلى آلاف الشهداء والجرحى.
نتيجة للضربات القاسية التي مني بها الحزب، وافق مرغما على إعلان وقف الأعمال العدائية الذي تضمن في أحد بنوده “نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان” و”بدءا بمنطقة جنوب الليطاني، تفكيك كافة البنى التحتية والمواقع العسكرية ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها والتي تتعارض مع هذه الالتزامات”.
صوت الحزب لصالح العماد جوزاف عون في انتخابات الرئاسة وقد تضمن في أحد بنود خطاب القسم ” تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح” ثم شارك الحزب في حكومة الرئيس نواف سلام الذي تضمن بيانها الوزاري “تنفيد قرار مجلس الأمن ١٧٠١ كاملاً” و”واجب الدولة في احتكار حمل السلاح”. وكان فخامة الرئيس العماد جوزاف عون قد صرح خلال زيارته لبكركي مؤخرا أن قرار حصر السلاح بيد الدولة قد اتخد وهو للتنفيذ على أن” يتم مقاربته بالتحاور وبحس وطني بعيدا عن الاستفزاز”مضيفا أن “مصلحة اللبنانيين هي الأساس وأن اللبنانيين لا يريدون الحرب”. إن التمسك بالسلاح بذريعة حماية لبنان قد سقطت، فاذا كان الحزب قد فشل في حماية نفسه كيف بإمكانه حماية لبنان . يجب على الحزب الاقتناع بعدم جدوى امتلاك السلاح وتسليم سلاحه سواء للدولة أو إعادته إلى إيران وفق آلية يتم الاتفاق عليها . إن الاتفاق على آلية التنفيذ يدعم موقف الدولة بطلب الانسحاب الفوري من التلال التي تحتلها اسرائيل إضافة أن المساعدات الموعودة والتي لبنان بحاجة ماسة إليها مرتبطة بالآلية المذكورة.
تطالعنا بعض التصاريح من قبل قيادات الحزب تقول أن اتفاق وقف الأعمال العدائية يتضمن فقط نزع سلاح الحزب من جنوب الليطاني وأن الحزب لن يسلم سلاحه واخيرا لا آخرا أن اليد التي تمتد إلى سلاح الحزب ستقطع.
يجب على الحزب أن يتعاطى بإيجابية مع التحولات الاستراتيجية والميدانية الجديدة في المنطقة وبات عليه أن يعترف أنه فقد التحكم في قواعد الاشتباك والحفاظ على قوة الردع وعليه التحصن وراء الدولة، كما عليه تسليم سلاحه وفقا لإعلان وقف الأعمال العدائية الذي وافق عليه بكل بنوده.
لكن هنا نتساءل هل أن قرار نزع سلاح الحزب هو قرار محلي أو إقليمي.
هل أن قرار نزع سلاح الحزب هو بيد قادته في لبنان ام بيد مرجعيته التي تفاوض الآن مع الإدارة الأمريكية حول ملفها النووي كونه قرار استراتيجي بامتياز لاسيما أنها تريد تقوية موقفها في المفاوضات الجارية من خلال التصعيد الكلامي لقيادات الحزب.
وبالتالي في حال سلم الحزب سلاحه وانخرط في العمل السياسي عليه في هذه الحالة التعريف عن نفسه.
فهو بني وفق عقيدة عسكرية”المقاومة الإسلامية في لبنان ” الموجودة في رايته لا فرق عنده بين ذراع عسكري وذراع سياسي، فإن أي تعديل جذري في عقيدته ممكن أن يفقد حاضنته الشعبية وقد تصل الى طرح مبررات وجوده.
من جهة أخرى في حال طلبت إيران من الحزب تسليم سلاحه وهو أحد الاذرع العسكرية الرئيسية الباقية لها ( سوريا تحررت، الحوثيون يتعرضون لضربات قاسية والحشد الشعبي في العراق يتم البحث في كيفية حله ودمجه في الجيش العراقي) سوف يستتبعه تعديل استراتيجي في عقيدتها بعد فشلها في سياستها تصدير الثورة إلى الخارج وفق النموذج الإيراني.
وهل اعتراف ايران بفشلها في سياستها الخارجية وتكبدها مليارات الدولارات خلال عشرات السنين في تدريب وتسليح وتمويل اذرعتها في الخارج في وقت شعبها يعيش في ظروف معيشية صعبة وهل أن إعادة تموضعها ضمن حدودها الطبيعية سوف ينعكس عليها سلبا في الداخل وبالتالي نكون أمام بداية سقوط النظام.
إن الرهان على أن تعود العجلة إلى الوراء رهان خاطىء لن يحصل فالمطلوب قرارات مصيرية محليا وإقليميا تهدف إلى نزع السلاح غير الشرعي وبسط سلطة الدولة على كافة أراضيها وحصر السلاح بيد أجهزتها الأمنية والعسكرية والتحصن وراء الدولة.
العميد الركن المتقاعد فواز عرب
رئيس مركز الفيحاء للدراسات الاستراتيجية