دياب خلال رعايته مؤتمر “اقتصاد المعرفة” في بعلبك: منظومة عميقة تحكم البلد وتديره سياسيا لمصلحة الاقتصاد الريعي

اعتبر رئيس الحكومة السابق حسان دياب أن “منظومة الفساد عملت على اسقاط خطة التعافي الاقتصادي التي وضعتها حكومتي، لأن الخطة تنهي مرحلة تحكم المصارف باقتصاد البلد، من خلال إعادة تنشيط القطاعات الاقتصادية التي قضى عليها الاقتصاد الريعي، وأيضاً من خلال خلق منافذ اقتصادية جديدة تواكب العصر، وتفتح الباب أمام صياغة دور اقتصادي متنوع للبنان، بحيث لا يصبح مرهوناً للقطاع المالي وحده. وهذه الخطة ما تزال صالحة للتطبيق بعد تحديثها بما يتناسب مع عالم اقتصاد المعرفة، لأنها تشكل خريطة طريق لمستقبل لبنان الاقتصادي. لكن بكل أسف اكتشفنا أن منظومة عميقة تحكم البلد، وتديره سياسيا لمصلحة الاقتصاد الريعي، وهذه المنظومة ما تزال حتى اليوم تتحدى كل محاولة لإحداث إصلاح حقيقي في بنية النظام الإقتصادي، وترفض أي محاولة لتخفيف قبضتها على البلد ومستقبله”.

جاء ذلك خلال رعايته مؤتمر “اقتصاد المعرفة وإمكانية المواكبة عربيا” الذي نظمه “مجلس بعلبك الثقافي” في قاعة أوتيل كنعان في بعلبك، برئاسة عميد كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية البروفسور سليم المقدسي، ومشاركة الجامعة الأميركية في بيروت- كلية الزراعة، ونقابة تكنولوجيا التربية في لبنان.

وحضر المؤتمر النائب ينال صلح، النائب السابق الدكتور اسماعيل سكرية، الوزراء السابقين: الدكتور حمد حسن، الدكتورة غادة شريم، والدكتور رمزي مشرفية، قائد منطقة البقاع العميد روجيه لطوف ممثلا قائد الجيش العماد جوزف عون، العقيد غياث زعيتر ممثلا المدير العام للأمن العام اللواء الياس بيسري، محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر ممثلاً برئيس قسم المحافظة دريد الحلاني، مفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، رئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق قاسم شحادة، رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل، النائب الأسقفي العام لأبرشية بعلبك للروم الملكيين الكاثوليك الأب يوسف شاهين، وفاعليات أكاديمية وثقافية واجتماعية.

واستهل المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت إجلالا لروح الرئيس الأسبق الدكتور سليم الحص وشهداء لبنان وغزة.

عبيد

وتحدثت الدكتورة نور عبيد، فقالت: “مائدة اقتصاد المعرفة بهية، شهية، غنية؛ ونحن جوعى، لأن الاقتصادي المناقبي الذي كانت لديه الخطة، الرئيس الدكتور حسان دياب، قد أعلن بالفم الملآن:”لقد هزمني الفساد”، هزم ومعه كل مواطن لبناني لا يستثنر في هدر المال العام، ولا في هدر الحقوق”.

وختمت: “نجتمع على أمل أن يكون لنا اقتصاد بنفسجي أكثر إنسانية، نجتمع اليوم كوكبة من الأكاديميين من الوطن العربي، تبوح بهواجس التقدم والرقي”.

دياب

وأشار الرئيس دياب في كلمته إلى أن “لبنان يواجه تحديات كبيرة على مختلف المستويات، لكن السؤال المركزي الذي ما زال يبحث عن إجابة هو: ما هو دور لبنان؟ وبمعنى أوضح ما هي هوية لبنان الإقتصادية؟ وليس المقصود هنا المعنى الإيديولوجي للاختيار بين نظام إشتراكي أو إقتصاد حر، وإنما المقصود هو الدور الإقتصادي للبنان في المنطقة والعالم العربي والعالم”.

وقال: “قبل العام 1975، كان لبنان مستشفى الشرق، وجامعة الشرق، ومصرف الشرق، واقتصاد الشرق، وسياحة الشرق، وقبلة الشرق والعالم. هذا الدور تراجع تدريجياً بفعل عوامل عديدة، حيث ساهمت الحروب التي عرفها لبنان في تسريع هذا التراجع، وبدأ المحيط العربي ببناء واقع جديد له، فضلاً عن الاكتفاء الذاتي لكل دولة، مما أفقد لبنان دوره كمركز استقطاب، علماً أن كثيراً من التطور الذي عرفته الدول العربية كان للبنانيين مساهمة فيه. هنا نعود إلى السؤال المركزي ما هي وظيفة لبنان الإقتصادية؟ هذا الموضوع خضع لدراسات معمقة خلال السنوات الماضية، خصوصاً بعد الإنهيار الإقتصادي والمالي الذي شهده لبنان في العام 2019 وتداعياته، حيث اكتشفنا أن الاقتصاد الربعي الذي كان قائماً، قد أدى إلى ضرب كل مقوماتنا الاقتصادية الأخرى، وحصر الدور الإقتصادي للبنان بالمصارف. وعندما خسرت المصارف إنهار هذا البنيان الإقتصادي بشكل دراماتيكي”.

أضاف: “حين وضعنا في حكومتي خطة للتعافي الاقتصادي، عملت منظومة الفساد على إسقاطها، لأن الخطة تنهي مرحلة تحكم المصارف باقتصاد البلد، من خلال إعادة تنشيط القطاعات الإقتصادية التي قضى عليها الإقتصاد الريعي، وأيضاً من خلال خلق منافذ اقتصادية جديدة تواكب العصر، وتفتح الباب أمام صياغة دور اقتصادي متنوع للبنان، بحيث لا يصبح مرهوناً للقطاع المالي وحده. وهذه الخطة ما تزال صالحة للتطبيق بعد تحديثها بما يتناسب مع عالم اقتصاد المعرفة، لأنها تشكل خريطة طريق لمستقبل لبنان الاقتصادي. لكن بكل أسف اكتشفنا أن منظومة عميقة تحكم البلد، وتديره سياسيا لمصلحة الإقتصاد الريعي، وهذه المنظومة ما تزال حتى اليوم تتحدى كل محاولة لإحداث إصلاح حقيقي في بنية النظام الإقتصادي، وترفض أي محاولة لتخفيف قبضتها على البلد ومستقبله”.

وأردف: “اليوم، في هذا المؤتمر، ثمة ما يبشر برؤية جديدة يمكن أن تكون بوابة عبور نحو تغيير يطرأ على ذهنية إدارة النظام الاقتصادي للبنان. ففي عصر الثورة التكنولوجية التي بلغت حدود الذكاء الإصطناعي، لا بد من إعادة التفكير بدور لبنان الاقتصادي، وبطبيعة نظامه الاقتصادي، وبجوهر وظيفة لبنان الاقتصادية. وأنا أعتقد أن معرفتنا بقيمة وقدرات اللبنانيين، والتي أثبتوها في كثير من المحطات، وفي كثير من المجالات، وفي كثير من دول العالم، تشكل العمود الفقري لنكون قادرين على الإستفادة من مفهوم اقتصاد المعرفة، لكي يتمكن لبنان من تجاوز الأزمات الاقتصادية والمالية التي يتخبط بها، وبعد ذلك ليستعيد وهجه الإقتصادي، ومكانته، ودوره، وحضوره”.

وتابع: “إن المعرفة نقيض الجهل، ونحن في عالم صارت فيه المعرفة متاحة بكبسة زر، ونحن في لبنان لدينا كفاءات عالية لإنتاج واستخدام الأفكار والمعلومات التي تشكل عصب إقتصاد المعرفة، والرهان عليكم أنتم كي تكونوا رأس الحربة في هذه المهمة”.

ووجه الرئيس دياب الشكر إلى “مجلس بعلبك الثقافي، الذي كان رائداً في المبادرة إلى فتح النقاش حول اقتصاد المعرفة، والشكر موصول إلى جميع المشاركين على مساهمتهم في هذا المؤتمر الذي بشر بأن لبنان مشى خطوة أولى ثابتة وعلمية في عالم اقتصاد المعرفة”.

المقدسي

وبدوره رأى المقدسي أن “اقتصاد المعرفة ليس مجرد مصطلح عصري، بل هو محرك أساسي للتنمية الشاملة، سواء في الجانب البشري أو الاقتصادي أو الاجتماعي، وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الدول التي تعتمد على المعرفة كأحد مواردها الرئيسية تحقق معدلات نمو أسرع وأكثر استدامة”.

وأكد أن “اقتصاد المعرفة يعزز القدرات الابتكارية من خلال الاستثمار في الرأسمال البشري، التعليم، التكنولوجيا، والبحث العلمي. بل إنه يتجاوز ذلك إلى دعم التفاعل بين هذه العوامل، ما يؤدي إلى تحقيق تحولات جذرية في القطاعات المختلفة. في ظل هذا السياق، نجد أن اقتصاد المعرفة يلعب دوراً محورياً في تعزيز التنميةالبشرية، إذ يتيح للأفراد تطوير مهاراتهم وتحقيق إمكاناتهم، مما يساهم في رفع مستويات الإنتاجية وتحسين جودة الحياة. كما يسهم بشكل فعال في التنمية الاقتصادية من خلال خلق فرص عمل جديدة وتعزيز التنافسية العالمية. أما على الصعيد الاجتماعي والبشري، فإن المعرفة تعمل على تعزيز الاندماج الاجتماعي وتقليل الفجوات بين الفئات المختلفة، مما يؤدي إلى مجتمع أكثر توازناً واستقراراً”.

وقال: “نحن بحاجة إلى تعزيز التعاون بين القطاعين الأكاديمي والاقتصادي لإيجاد حلول مبتكرة. وإن هذا المؤتمر يمثل خطوة أولى نحو تحقيق هذه الغايات”.

وختم المقدسي: “نأمل أن تثمر نقاشاتنا اليوم عن توصيات عملية تعزز التوجه نحو اقتصاد المعرفة وتساعدنا على مواجهة التحديات المستقبلية”.

مقالات ذات صلة