الزامية قرارات محكمة العدل الدولية.. نتنياهو متمرد و ملاحق

دراسة قانونية.. بقلم// المستشار الدكتور المحامي محمد بسام شوكت كبارة

ما إن أنهت رئيسة المحكمة دونوغ تلاوتها للقرارات المؤقتة لمحكمة العدل الدولية ، حتى ثار التساؤل حول الزاميتها واجراءات إجبار تطبيقها ، اضافة الى مفهوم أطراف النزاع وتعليقهم عليها .

ستة قرارات مؤقتة صدرت عنها :

قرّرت المحكمة اتخاذ الإجراءات المؤقتة الآتية:

(1) بأغلبية 15 صوتًا مقابل صوتين، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، يجب على دولة إسرائيل، وفقًا لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، اتخاذ جميع الإجراءات التي تتنزّل ضمن سلطتها لمنع ارتكاب جميع الأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية من هذه الاتفاقية، وبالتحديد:
(أ) قتل أفراد من المجموعة؛
(ب) التسبب في ضرر جسدي أو نفسي خطير لأفراد المجموعة؛
(ج) تعمّد فرض ظروف معيشية على المجموعة هدفها تصفيتهم جسديًا سواء كليًا أو جزئيًا؛ 
(د) فرض تدابير تهدف إلى منع الولادات داخل المجموعة؛
التعليق : يعتبر هذا القرار إدانة موقتة لاسرائيل حتى تثبت إسرائيل براءتها لتتخذ الاجراءت الآيلة الى نفي التهمة عنها بتقرير تقدمه خلال شهر .
وقد تمنعت إسرائيل سواء عن طريق رئيس وزراءها الذي صرح بمؤتمره الصحفي عدم الانصياع لتنفيذ البند الاول اعلاه معتبرًا أن عدم اتخاذ المحكمة قرارا بوقف الحرب يعد بمثابة السماح لإسرائيل باستمرارها الدفاع عن نفسها على نفس نهج الابادة ضد الفلسطينيين في غزة الذي مارسته طيلة ١٠٨ ايام لتحقيق أهداف الحرب وانه سينتصر ومصمم على تحقيق اهداف الحرب بجنده الذين يحاربون ببطولات الاهية ( اي مفوضين من الله بالقتل والابادة الجماعية )
واستمرت حربه الإبادية ثان وثالث يوم بعد تاريخ اصدار القرار المفترض سريانه باثر فوري ، وذلك باستشهاد اكثر من ٣٣٠ فلسطينيا مدنيا من أطفال و نساء وكبار السن . مما يعرضه ويعرض إسرائيل إلى صدور حكم مؤقت ثان من محكمة العدل الدولية بوقف الحرب ان لم يتم ذلك قبلا من قبل مجلس الامن ، او بالاتفاق والوساطة . ذلك ان طلب المدعية اي جنوب افريقيا ايقاف الحرب لم يرفض من المحكمة ، وإنما أعطى القرار فرصة أخيرة لإسرائيل لتطبيق قواعد القانون الدولي والانساني والمادة الثانية من اتفاقية منع الابادة الجماعية . فالمحكمة اصدرت امرها بتفعيل قوننة الحرب اي انتكون تحت سقف القانون الانساني ولا يقع تحت طائلة اتفاقية منع الابادة الجماعية

(2) بأغلبية 15 صوتًا مقابل صوتين، تضمن دولة إسرائيل بأثر فوري عدم ارتكاب جيشها أي أعمال موصوفة في النقطة 1 أعلاه؛
ان هذه الفقرة تلزم إسرائيل فورا بتنفيذ الفقرة ١ فيما يتعلق بضمانها الفوري ان لايقدم جيشها اي عمال ابادة جماعية . والا سوف تصبح دولة مارقة . وهذا الإلزام نابع ومقرر في المادة ٩٤ من ميثاق الأمم المتحدة الموضحة لاحقاً .

(3) بأغلبية 16 صوتًا مقابل صوت واحد، ستتخذ دولة إسرائيل جميع الإجراءات التي في وسعها لمنع ومعاقبة التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية فيما يتعلق بأفراد المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة .
هذه الفقرة غنية بالمعاني والأوامر التي تؤدي إلى تجميد نصوص النشيد الوطني للكيان الصهيوني التي تحرض على الإبادة الجماعية بشكل عام باعتباره شعبا يهوديا مختارا من الله وكذلك ماجاء في سفر اشعيا ٢٠ بهذا الخصوص .

(4) بأغلبية 16 مقابل صوت واحد، ستتخذ دولة إسرائيل إجراءات فوريّة وفعّالة لضمان توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لمعالجة ظروف الحياة الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة؛
ان هذا البند يحمل في طياته الامر بوقف اطلاق النار ما دام ذلك لازما لتنفيذ بنوده .
ومن اللافت ان هذين البندين الاخيرين حظيا بموافقة شبه اجماعية من أعضاء المحكمة بما فيهم الممثل المفترض لإسرائيل.

5- وطالبت المحكمة إسرائيل باتخاذ تدابير فورية وفعالة لتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لمواجهة ظروف الحياة الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة.
وقالت العدل الدولية في بنود الحكم “على إسرائيل اتخاذ إجراءات فعالة للحفاظ على، وعدم تدمير، الأدلة المتعلقة بالادعاءات الخاصة بالأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية والمادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”.

6) بأغلبية 15 صوتًا مقابل صوتين: يجب على دولة إسرائيل تقديم تقرير إلى المحكمة بشأن جميع الإجراءات المتّخذة لتنفيذ هذا الأمر خلال شهر واحد من تاريخ صدور هذا الأمر .
اللافت انه وان ذكر ان هذه قرارات مؤقتة ، الا آن هذه المادة تصفها بأنها في مجموعها هي أمر بما يعني أنها واجبة التنفيذ الفوري دونمًا تصديق مرجع اخر وان على جميع الدول المنضمة للاتفاقية الإذعان له دون معارضة او تمنع . بما في ذلك مجلس الأمن. لذلك اعتبرت الاندبندنت ان الحكم كارثي على إسرائيل .

ننتقل الآن إلى معالجة النصوص التي توجب الزامية قرارات محكمة العدل الدولية.
اولا. ، هل يتمتع أي شخص بحصانة ضد المحاكمة بتهمة الإبادة الجماعية؟
لا يتمتع أي شخص بحصانة ضد تهمة الإبادة الجماعية. فوفقا للمادة الرابعة، يعاقب مرتكبوا الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة، سواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفين عامين أو أفرادا. ووفقا للمادة الخامسة، يتعهد الأطراف المتعاقدون بأن يتخذوا، كلٌ طبقا لدستوره، التدابير التشريعية اللازمة لضمان إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية، وعلى وجه الخصوص النص على عقوبات جنائية ناجعة تنزل بمرتكبي الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة.

المادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة :
على السلطة القائمة بالاحتلال حيث يجب عليها التعاون مع السلطات الوطنية والمحلية لتسهيل سير عمل جميع المؤسسات المكرسة لرعاية وتعليم الأطفال. يجوز لدولة الاحتلال اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتسهيل التعرف على الأطفال وتسجيل نسبهم مع عدم تغيير حالتهم الشخصية أو أن تلحقهم بتشكيلات أو منظمات تابعة لها.

النظام الداخلي المؤقت
تعكس المواد التالية مفهوم الأولوية لمحكمة العدل الدولية لجهة :
– عدم وجود حق النقض عند الاقتراع على تعيين عظو فيها
– هيمنة قرارات المحكمة على اي قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي يعارض او يشل تطبيقه والزامه ، اذ تنازلت الدول دائمة العضوية عن حق النقض الفيتو فيما يتعلق بقرارات واوامر محكمة العدل الدولية. يراجع لطفا نص المادة ٤٠ التالية
الفصل السابع – التصويت
المادة 40
يجري التصويت في مجلس الأمن وفقا للمواد ذات الصلة في الميثاق وبالنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
وكذلك في النظام الداخلي المؤقت

الفصل الحادي عشر- العلاقات مع هيئات الأمم المتحدة الأخرى
المادة 61
تستمر أية جلسة يعقدها مجلس الأمن عملا بأحكام النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية من أجل انتخاب أعضاء للمحكمة إلى أن يفوز عدد من المرشحين مساو لعدد المقاعد المراد شغلها بأغلبية مطلقة من الأصوات في اقتراع أو أكثر.

ميثاق الأمم المتحدة, الفصل الرابع عشر:
محكمة العدل الدولية
المادة 92
محكمة العدل الدولية هي الأداة القضائية الرئيسية “للأمم المتحدة”، وتقوم بعملها وفق نظامها الأساسي الملحق بهذا الميثاق وهو مبني على النظام الأساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي وجزء لا يتجزأ من الميثاق.
المادة 93
* يعتبر جميع أعضاء “الأمم المتحدة” بحكم عضويتهم أطرافاً في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
* يجوز لدولة ليست من “الأمم المتحدة” أن تنضم إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية بشروط تحددها الجمعية العامة لكل حالة بناء على توصية مجلس الأمن.
المادة 94
* يتعهد كل عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” أن ينزل على حكم محكمة العدل الدولية في أية قضية يكون طرفاً فيها.
* إذا امتنع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة، فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن، ولهذا المجلس، إذا رأى ضرورة لذلك أن يقدم توصياته أو يصدر قراراً بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم.
اي ان مجلس الامن ليس لديه مكنة وقف او نقض او عرقلة تنفيذ الحكم فهو ملزم باتخاذ الاجراءات الآيلة لحسن تنفيذه بما في ذلك اللجوء الى الفصل السابع. ، خاصة وان حكم المحكمة غير قابل للاستئناف بل فقط التماس اعادة النظر.
لايعقل مثلا ان تمتنع إسرائيل عن تنفيذ الأمر الملزم لها ويصدر مجلس الامن قرارا يواكب تمردها ، وتقديم المجلس توصيات حسب نص المادة ٩٤ لا يعني حق أي دولة دائمة العضوية ممارسة حق النقض والا نكون قد قوضنا اسس وركائز محكمة العدل الدولية واولوية قراراتها خاصة وان التوصيات تعد من الأمور الاجرائية التي لا يحق لحظها ضمن مواضيع حق النقض الممارس عادة .(انظر لطفا نص المادة ٢٧ من ميثاق الامم المتحدة ).
وقد اشار واكد الامين العام للامم المتحدة على الزامية قرارات محكمة العدل الدولية:مقتبس
لكن غوتَيرش اختار هذه المرة الاستناد إلى المادة 99 في رسالته الموجهة إلى رئيس مجلس الأمن، مندوب الإكوادور، هوزيه خافير دومانينغيز، لحث المجلس على الانعقاد بشكل عاجل، والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، لدرء حصول تداعيات خطيرة للوضع الإنساني المتفاقم هناك.
وسبب لجوئه إلى هذه المادة، التي تلزِم أعضاء المجلس بالاستجابة لدعوته بالانعقاد، هو أن نداءاته السابقة لم تسفر عن أي حل لسكان غزة المحاصرين، الذين يعيشون تحت ظروف إنسانية صعبة جدا، ويتعرضون للقصف العشوائي اليومي من الجيش الإسرائيلي، والذي أودى بحياة 17 ألفا منهم حتى الآن، معظمهم من النساء والأطفال. وعندما رأى تردد الدول الكبرى في اتخاذ موقف يرتقي إلى خطورة المأساة، أراد أن يدفعها للاضطلاع بمسؤولياتها، ويبرِّئ ذمته من المأساة الإنسانية المتواصلة منذ شهرين، أو على الأقل، يريح ضميره بأنه فعل ما يمكنه أن يفعل لإنقاذ الأبرياء.
والسيد غوتيرش خبير دولي كان قد تعامل مع أزمات إنسانية كثيرة، حتى قبل توليه منصبه الحالي مطلع عام 2017، إذ كان يشغل منصب المفوض الدولي السامي لشؤون اللاجئين منذ عام 2005، والذي شغله لعشر سنوات. وقد حقق غوتَيرَش إنجازاتٍ عديدةً في منصبه كمندوب سامٍ، خلفا للأمير صدر الدين أغا خان، وقد عمل على إصلاح هذه المنظمة العملاقة، التي يعمل لديها أكثر من 10 آلاف موظف في 126 دولة، وتقدم المساعدات لستين مليون إنسان في مختلف قارات العالم.(انتهى الاقتباس ).
واصدر الناطق باسمه لاحقا بيانا اكد فيه الزامية قرارات محكمة العدل الدولية. الصادرة عنها في القضية المرفوعة ضد إسرائيل.
وبالنتيجة سوف يصعب على حكام الكيان الصهيوني ان يخرجوا من وحل قرارات وأوامر محكمة العدل الدولية الا عرايا من الكذب والنفاق والاحتلال واعطاء الفلسطينيين حقوقهم ، او الغرق في وحل آثامهم وعجرفتها مع من شد ازرهم شرقا وغرباً .
واخيرا لابد ان اتطرق الى حيثية الافراج عن المخطوفين او الاسرى لدى حماس في عبارة المحكمة التالية :

‎85. ترى المحكمة أنه من الضروري التأكيد على أن جميع أطراف النزاع في قطاع غزة مُلزَمة بالقانون الدولي الإنساني. وتعرب عن قلق بالغ إزاء مصير الرهائن الذين اختُطفوا خلال الهجوم الذي وقع في إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 واحتُجِزوا من قبل حماس والجماعات المسلحة الأخرى منذ ذلك الحين، وتدعو إلى إطلاق سراحهم فورًا دون قيد أو شرط.
‎86. لهذه الأسباب، قرّرت المحكمة اتخاذ الإجراءات المؤقتة الآتية: انظر اعلاه
هذه الدعوة والتمني ينطبق على أطراف النزاع في قطاع غزة وهم إسرائيل و المنظمات الفلسطينية المسمون جماعات مسلحة البند ٨٥ ، فلماذا اقتصر ت الدعوة على الجماعات المسلحة التي ليست طرفا في الدعوى ولم تدل بدفاعها لإطلاق الرهائن ولم تتمنى او تقرر المحكمة ان على إسرائيل ان تطلق الرهائن المدنيين المختطفين خلافًا لمعاهدة منع الابادة الجماعية وهي صورة من صورها ؟؟
ومع ذلك نامل ان يعي داعمي الكيان المحتل ان موقفهم المتواطىء مع إسرائيل ادى الى مقتل اربعين الف فلسطيني فقط بسبب انهم جماعات فلسطينية

د. محمد بسام شوكت كبارة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *