فيلم “يانال” مغامرة سينمائية ببراعم فنية وبصمته ليليان نمري
بقلم// جهاد أيوب
مغامرة جديدة من مغامراتنا اللبنانية تكمن في إنتاج عملاً فنياً يعنى بالسينما في زمن القحط بكل أنواعه، فالسينما العربية تعيش الهجرة رغم كثافة مهرجاناتها، واللبنانية تتميز بالفقر وغياب التواصل بسبب واقع ظروفنا الاقتصادية والأمنية والسياسية والاجتماعية والحزبية، وحينما نسمع بإطلالة العمل الفني الجديد وبالأخص في السينما نستغرب، ونتمنى التوفيق للمنتج المغامر المؤمن بقطاع كدنا نفقده ونفتقده، لذلك لبينا دعوة كريمة من شركة فينيسيا بيكتشرز انترناشونال للإنتاج والمتمثلة بالسيد أمير فوّاز لإفتتاح العرض الأول لفيلم ” يانال” ، وذلك في صالة غراند سينما فردان ABC وبحضور نخبة من الإعلاميين والشخصيات الفنية والاجتماعية، وتحت رعاية وحضور وزير الثقافة القاضي محمد المرتضى.
“يانال” فكرة وسيناريو وإخراج وتمثيل الشاب جاد أبو علي – باكورة طموحاته الفنية – ومن بطولة ليليان نمري، وبمشاركة نعمة بدوي وجان قسيس وسعد حمدان وريان حركي وعدنان عوض وباتريسيا ابراهيم، ويتمحور الفيلم حول الشهور الأخيرة من أزمة مصيبة الكورونا مع تفاصيل لمفردات حياتنا اللبنانية ضمن ظروف رحم الواقع كإشارة دون الولوج فيها إلا من خلال يوميات شاب سائق تاكسي لديه عينيه الزرقاوين وفقير الحال ومصاب بمرض جلدي خطير يوصله إلى الموت لكنه واجهه بإنتحار غير مبرر من أجل أن يتبرع بنظره إلى شاب يحل مكانه عاطفياً في عالم حبيبته الغنية!
لن نجول في النقد المباشر حول فيلم شبابي بامتياز، وتلقى دعماً بالمشاركة التمثيلية من نجوم كبار، وعلينا أن نشجع فئة الشباب كي تستمر بأحلامها في عالم الفن السابع وما شابه حتى لو تلمسنا الاخطاء، وكان من السهولة تلافيها لو تواصلوا مع أهل التجربة، خاصة أن الفكرة جميلة ومعالجة بطريقة سلسة وبسيطة كانت تتطلب رؤية بالإخراج والسيناريو مغايرة!
وملاحظاتنا أن القسم الأول من الفيلم يحتاج إلى تماسك أكثر في التقطيع والمونتاج وفي طرح القضية الحدوثة خارج الضياع والملل الذي حدث وظهر كما لو كانت المشاهد مركبة وتعتمد على المزج في إقحام يوميات شاب لبناني يصور فيلماً وثائقياً عنه إلى أن ظهرت شخصية “دهب” حيث ذهب العمل إلى الروائية شكلاً ومضموناً، وأخذ الحوار بعداً متماسكاً رغم أننا منذ اللحظة الأولى إلى النهاية استمر الفيلم بطرح اسئلة في الصنعة وتسلسل الحكاية من غير أجوبة درامية مقنعة!
لا خلاف أن الفيلم قدم لنا الكثير من الإيجابيات في شخصيات شبابية واعدة، فقط تحتاج إلى دعم وإلى الإرشاد من أصحاب الخبرة.
– جاد أبو علي لديه غزارة في الأفكار وطموحه المتوهج جعله يغوص في الفكرة والكتابة والإخراج وتمثيله لشخصيتين مختلفتين “يانال وحسين” بالرشاقة وبالحالة، وقدمهما كممثل جيد ولكنه يحتاج إلى إدارة …ونصه وحواراته تتطلب فهماً نفسياً وأكثر عمقاً إنسانياً ولو طرح فكرته على مختص لكان الحوار والأحداث وتقاطعها صبت في صالح التواصل والحكاية والفيلم ومنطق الاحداث!
في إخراج جاد هندسة تشكيلية واضحة زادها البعد الموسيقي جمالاً، وبإعتقادي لو تفرغ للإخراج ولتنفيذ ما لديه من رؤية لكنا قد وصلنا إلى نتيجة مختلفة!
هذا الشاب مشروع في الفن، وعليه التركيز بصنعه توصله إلى احلامه، واحلامه تجعله باحثاً، وبحثه يعمق هواياته في أكثر من مجال، واطلب منه قراءة المكياج والسينوغرافيا ككل بما تحتويه، فهذه تشكل الشريك الفعلي في قراءة المشهد والتعبير، ومعرفة معمقة بمشاهده الليلية والنهارية وكيفية توضيبها في النص!
كما يحسب لجاد عدم تقديم تجربته من باب الجنس الرخيص واقحام مشاهد الشهوة، ولم يقدم أي مشهد بعباطة الحشو الجنسي كما حال الأفلام العربية وادعياء الشهرة السريعة، ولم يتجه إلى الاسفاف في حواراته بحجة الشارع ودجل الواقعية!
– الشابة ريان حركي – تيا – رشيقة، متفهمة لمساحة دورها، الكاميرا تحب جمالها وهي جميلة، متمكنة من التعبير ببساطة، وقدمت دور السكرانة بشطارة ومهارة…هذه الشابة مع الأيام سيكون لها مساحة في لعبة الدراما من ذهب وكبيرة بشرط معرفة الاختيار أو ما سيختار لها دون تنازلات!
– باتريسيا ابراهيم مهضومة لعبت دورها بذكاء رغم قصر مشاهدها، لأول مرة اشاهدها واقنعتني ولفتتني، وهي متمكنة إن فكرت بأداء الأدوار الكوميديانية، لا بل جاهزة لذلك.
– عدنان عوض في أفضل حالاته، ولعب الدور بنجاح.
– نعمه بدوي جسد دور الطبيب بإتقان مقنع جداً، مشهد واحد ترك بصمة في ذاكرة الفيلم ولم نتجاهله، وسعد حمدان لعب الدور بهضامة.
– ليليان نمري …لا تحتاج إلى أن نقول من هي، صب العمل بكل خطوطه عندها، لحظة ضاحكة وبسرعة اللحظة باكية، تحملت المسؤولية وكانت نجمة العمل، والنص معها اختلف كلياً والحوار أصبح أكثر رشاقة وثقلاً…مع إحترامي للجميع إلا أن دور ليليان كان الابرز والداعم لتثبيت الفكرة الموضوع الطرح الأداء…صحيح العمل الفني جماعي، ولكن يوجد دائماً من هو لافت ومتميز، وليليان هنا تلفت ومتميزة.
فيلم ” يانال” احببناه أو لم نحبه إلا أنه يطرح إشكاليات وأسئلة وقد يقنعنا أو لا رغم ملاحظاتنا لكنه يعتمد على حالة سينمائية واعدة وجب الوقوف عندها…شكراً لمن غامر وانتج، وشكراً للكبار حينما يساندون الشباب، وشكراً لشباب تحمل المسؤولية وخاض معركته في السينما بنجاح… ولكن!