“عين الحلوة”.. المعركة الكبرى لم تبدأ بعد

بقلم// خالد الغربي

في مخيم عين الحلوة دار قتال همجي في الزواريب والاحياء البائسة بين عناصر من حركة فتح وعناصر اصولية متشددة، قبل ان يتوقف بمسعى من رئيس مجلس النواب نبيه بري.

كان هزيم القذائف والصواريخ وأزيز الرصاص أعلى باضعاف من صرخات الألم الصادرة عن أطفال ونسوة حاصرتهم النيران وترصدهم الموت، نزحوا باعداد كبيرة عندما تسنى لهم ذلك في الفترة الفاصلة بين سقوط قذيفتين.

كل المعالجات باءت بالفشل هذا اذ امكننا الحديث عن معالجات حقيقية، فالاجتماعات التي عقدت طيلة الفترة السابقة كانت تفضي الى تأكيد ثابتتين، تثبيت وقف اطلاق النار وتسليم المتهمين بقتل قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا ابو أشرف العرموشي ومرافقيه الأربعة، لكن آنى يكون ذلك ومن هي الذراع التي تنفذ ومن هي الجهة التي تسهر على تنفيذ ذلك ؟.

وسط هذا الخراب والمشاهد لمأساوية وارتفاع أعداد القتلى والمصابين، فان “المعركة الكبرى لم تبدأ بعد”، يجمع اطراف القتال على قول ذلك، فمعركة الحسم قادمة لاريب، وبخاصة اذا ما استطاعت حركة فتح اليها سبيلا، وهي باتت قريبة جدا وفق كل المؤشرات والمعطيات “ايام معدودات” مالم يطرأ شيء يؤخر ذلك. وبخاصة بعد إشاعة جو من التفاؤل “الحذر” بصمود وقف اطلاق النار بمساعٍ من القيادات اللبنانية وبخاصة من الرئيس بري.

لم يعد النقاش الدائر بين المعنيين حول متى تستأنف الاشتباكات داخل عين الحلوة من عدمها؟، يدرك المعنيون انها متى تجددت فلن تتوقف إلا بغالب ومغلوب، الخوف المسيطر في لحظة الجنون هذه، هو الخشية من انتقال الصراع إلى مخيمات فلسطينية أخرى وبخاصة مخيمات الشمال اللبناني.

وتوقفت مصادر متابعة عند زيارة قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون إلى ثكنة الجيش في صيدا واطلاعه من قادة الوحدات العسكرية عن وقائع ومجريات الأرض والمعارك، والتي جاءت بعد استهداف مواقع عسكرية لبنانية في محيط المخيم من قبل المتقاتلين داخله، حيث ردت عناصر الجيش على مصادر النيران مع تحذير شديد اللهجة بعدم تكرار استهداف المواقع العسكرية. أتى ذلك في ظل سعي محموم لاستدراج الدولة اللبنانية بأجهزتها الامنية والعسكرية وتوريطها في القتال الذي دار… حتى ولو توقف القتال، فإن جولات اخرى قادمة لا محال يجزم متابعون.

كمثل هذه الايام قبل احدى وأربعين عاما، كان مخيم عين الحلوة دمارا فقد ابادته الطائرات والدبابات الاسرائيلية في ذاك الحزيران من العام 82 خلال الاجتياح الاسرائيلي، بقي رجال المخيم يقاتلون اياما حتى بعد سقوط صيدا ومعظم قرى الجبل ووصول الاحتلال الى مشارف العاصمة، فمن يريد اليوم تدمير المخيم بوصفه عاصمة الشتات الفلسطيني؟؟ يكفي المخيم ان يحمل صفة عاصمة الشتات ليكون في قلب العاصفة التطورات التي تهب مجددا على المنطقة، مع مشاريع لاتخدم قضية اللاجئين من موضوع التوطين والغاء حق العودة .

معركة الحسم كما يسموها داخل المخيم، هي في حقيقة الامر صراع بين سلطة محمود عباس في الضفة (والتي تآكلت مؤخرا) وسلطة حماس في غزة (مع رفض حماس بشدة لهكذا توصيف عن معارك عين الحلوة )، من يمسك في ورقة اللاجئين ؟ فتح تدافع عن آخر اوراقها خارج الضفة رغم ان ورقة المخيمات الفلسطينية في لبنان لم تعد كما كانت زمن الزعيم الفلسطيني “ابو عمار” ممسوكة من جانبها بالكامل، ثمة مياه كثيرة جرت في الجدول الفلسطيني منذ عقدين ودخلت قوى جديدة نافست فتح في المخيمات وباتت شريكا قويا لها.

في معسكر الفريقين المتقاتلين تتخندق قوى وشخصيات محلية، في معركة لها امتداداتها الاقليمية وحتى الدولية، وبحسب فلسطينيين متابعين “واهم من يعتقد ان ابعاد المعركة تقف عند حدود الكيلومتر والنصف الكيلو متر المربع” هي مساحة عين الحلوة وتقطنه كثافة سكانية تصل الى اقل بقليل من المئة ألف نسمة يعيشون في حياة تنعدم فيها مقومات العيش ضمن الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.

تعطي حركة فتح عنوانا لمعركتها مع المتشددين “الحرب على الإرهاب وتطهير المخيم من الارهابيين”، يؤكد على ذلك قيادي رفيع في حركة فتح تمنى على موقع “الانتشار” عدم ذكر اسمه، مضيفا “آن الأوان ان يتحرر المخيم من الإرهاب ونحن ماضون في معركتنا حتى اجتثاث العصابات الارهابية التي تروع الأمنين”، لافتا ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبلغ الجهات الحكومية اللبنانية عزمه على المضي قدما في معركته ومواجهة الارهابيين داخل عين الحلوة الذين ينتمون إلى جنسيات عربية عدة وهو يرغب في مساندة السلطات الرسمية اللبنانية في معركته هذه”، ولفت القيادي الفتحاوي إلى ان مخيم الطوارىء الذي يقبع فيه المتشددون (اضافة الى احياء داخل عين الحلوة) يقع خارج مخيم عين الحلوة، فلماذا لا تبادر الشرعية اللبنانية الى دخوله وتحريره من المجموعات المتطرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *