أحمد قبلان حذر من أي عملية إصلاح مزعوم على حساب الشعب

أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في رسالة الجمعة لهذا الأسبوع أن “محور رسالات الأنبياء هو حقوق الناس وإنصافهم وتأكيد علاقتهم بالله سبحانه وتعالى، وقد كان مما قاله نبي الله شعيب لقومه (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين). ولأن مسألة الإصلاح تعني الدولة والحكم ومنظومة الحقوق، لذلك يؤكد المولى سبحانه وتعالى حق الناس كضرورة لتثبيت شرعية أي سلطة، وجمع سبحانه بين العبادة الفردية كعبادة الصلاة والصيام وغيرها، وبين العبادة العامة في ميادين الحياة كافة، كمفهوم الدولة والسلطة ووظيفة الحاكم وأولويات الإنسان، لتأكيد حاجاته كأساس لشرعية الحكم والسلطة، وهو فريضة عظمى أوجبه المولى عز وعلا على المؤمنين، بحيث يجب عليهم أن يؤمنوا شروطها، ليؤكدوا الحق وليمنعوا الظلم والفساد ويمحقوا مادته. ما يعني مخالفة الفساد، وكسر الفساد وإسقاطه، والميزان في ذلك: وعي السلطة وعدلها وإنسانها وإلا هي ليست بسلطة، وهو ما نؤكده اليوم، وخصوصا أن لعبة الصرف النقدي جعلت أكثرية الشعب اللبناني فقيرا ومعدما، وإذا بقيت الأمور على هذه الحال، هذا يعني أن هناك من يمرر هذه اللعبة لنهش حقوق الناس ولسلبهم قوتهم. وعلى الطريقة المعتادة أن نترك الذئب يفتك بالقطيع، بخلفية الضرورات، مع أن الضرورة تعني محاسبة كل من نهب أموال الناس، وكل من هدر وأسرف في أموال الدولة”.
وحذر “بشدة” من أي “عملية إصلاح مزعوم على حساب شعبنا وناسنا، ونحذر من إصرار الدولة على تخليها عن مسؤولياتها تجاه مجتمعها وناسها، لذلك يجب على أهل السلطة أن يبادروا للامساك بالتجارة والاقتصاد في هذا البلد، لأن الأسواق تحولت دولة مستبدة، في مقابل القانون والشعب، وهذا الأمر سيصبح كارثيا إن لم يكن قد أصبح. فالناس أيتها السلطة، في أسوأ حالاتها، وقدرتها المالية والنقدية في أدنى مستوياتها، الناس الآن يمكن أن نقول أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة. من يريد أن يحكم عليه أن يجد الحلول للشعب، وأن يجر الفاسدين إلى السجون بتهمة خيانة الناس والوطن، عليه أن يتنبه للعبة الصندوق والبنك الدوليين، لأن منطق هذه المؤسسات غارق بالسياسة، ولبنان هو كما هو، ملعب سياسي إقليمي دولي، وأي خطأ يعني نهاية الدولة وكارثة كبرى أو شاملة ستصيب شعب هذا البلد، الذي منذ تأسيسه تمت مصادرته لصالح أصحاب النفوذ المالية والسمسرة الدولية الإقليمية”.
وتابع: “صحيح، أن الخطة الاقتصادية ولدت، وصار للدولة خريطة طريق اقتصادية ومالية ومقررات لإعادة مأسسة الدولة، وهيكلة شؤونها الاقتصادية والإدارية والمصرفية والنقدية، ولكن العبرة في التنفيذ، وما قد يتأتى من نتائج تكون لصالح المواطن وليس على حسابه، فاللبنانيون جميعا فقدوا الثقة بهذه الطبقة السياسية وبكل خططها وتنظيراتها، لأنها لم تكن يوما على قدر الآمال ووفقا للطموحات وما على هذه الحكومة إلا أن تبرهن العكس، وتعمل على كسب ثقة الناس، لأن الناس كفرت بكل شيء”.
وأضاف: “اللبنانيون يريدون من يعمل لحاضرهم ومستقبلهم، يريدون من يطعمهم لا من يسحب اللقمة من أفواههم، يريدون دولة إذا قالت فعلت، وإذا وعدت وفت، دولة موجودة في الأمن، موجودة في الاقتصاد، موجودة في التنمية، والبيئة والصحة والمدرسة، دولة موجودة في كل المناطق ولكل اللبنانيين، دولة لا طائفية، يتنافس فيها الجميع من أجل وطن لا مزرعة، من أجل قضاء مستقل، وليس مرتهنا، من أجل عدالة اجتماعية وليس من أجل أتباع ومستزلمين، من أجل قوى عسكرية وأجهزة أمنية تحفظ أمن الناس وأرزاق الناس وتكون إلى جانب الناس، من أجل أجهزة رقابة وتفتيش يفضح كل فاسد ومفسد في هذا البلد الذي أوصله غياب الدولة وتسيبها ومحاولات القبض على مفاصلها من هذا وذاك إلى ما نحن فيه من فوضى وفلتان وتحكم مافيات المال وعصابات السلطة الذين لا هم لهم سوى أن يكونوا أو لا يكون أحد. هذه نزعة نيرونية في ذهنية معظم السياسيين وهي أساس بلاء هذا البلد” .
وتوجه قبلان الى العمال في عيدهم قائلا: “بماذا نهنئكم؟ فهل تركوا لكم عملا لتعملوه، وأجرا لتتقاضوه، لقد خربوا الدولة، ونهبوا الأموال، ولكن يبقى الأمل بسواعدكم وعرق جباهكم الطاهر”.