الراعي خلال قداس عيد انتقال السيدة: لا بد من وقفة وطنية إصلاحية تحيي لبنان!

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس عيد انتقال السيدة العذراء في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، عاونه فيه المطران الياس نصار والقيم البطريركي الخوري طوني الآغا وامين السر الخوري شربل عبيد، وخدمت القداس جوقة بقرقاشا، في حضور قائمقام كسروان جوزيف منصور وحشد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “تعظم نفسي الرب… وتطوبني جميع الأجيال” (لو1: 46 و 48) ومما جاء فيها: “انتقال السيدة العذراء بنفسها وجسدها إلى السماء عقيدة إيمانية أعلنها المكرم البابا بيوس الثاني عشر في أول تشرين الثاني 1950. نقلها الله لتشارك في مجد قيامة ابنها، وتستبق قيامة كل أعضاء جسده، وتواصل من السماء عناية الأم بنا جميعا. إن انتقالها تتويج للعظائم التي صنعها الله لها. ونحن من أجلها نعطيها الطوبى. هذه العظائم تشكل الأسس اللاهوتية للعقيدة. وهي أربعة أساسية، عصمتها من الخطيئة الأصلية منذ اللحظة الأولى لتكوينها في حشا أمها، إذ كانت معدة في تصميم الله الخلاصي لتصبح أم فادي البشر، ابن الله المتأنس. فكانت عقيدة الحبل بلا دنس التي أعلنها الطوباوي البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854. أمومتها للاله المتجسد، إذ منها أخذ الجسد البشري، وعلى ذراعيها تربى بعناية يوسف خطيبها وأبيه بالشريعة. عقيدة مريم أم الإله أعلنها مجمع أفسس سنة 431. عذراء دائمة البتولية وهي أم، وأعلنتها الكنيسة عقيدة إيمانية. مشاركتها في عمل الخلاص وآلام الفداء. إنها وسيطة الخلاص من خلال وساطة المسيح الوحيدة. أما تأثيرها على المؤمنين والمؤمنات فينبع من استحقاقات المسيح الفياضة. بفضل مشاركتها في عمل الخلاص وآلام الفداء، أصبحت مريم ايضًا أم المسيح السري الذي هو الكنيسة المولودة من سر موته وقيامته. ولذا تحمل لقب “أم يسوع التاريخي وام المسيح السري وأم الكنيسة”.
وقال: “في كرسي قنوبين، في عمق الوادي المقدس عاش البطاركة مدة أربعماية سنة في عهد العثمانيين من سنة 1440 إلى سنة 1830. فلاقوا الضيق والمضايق والاضطهاد والاعتداء. لكنهم صمدوا بالصلاة والصبر والرجاء. فكانت صلواتهم وصلوات النساك في المغاور ترتفع كالبخور من هذا الوادي المقدس نحو السماء، إلى أن كان الانفراج، فانطلقوا في رسالتهم متحدين كل الصعاب، يقينا منهم أن مريم بانتقالها إلى السماء لم تغادر أرضنا. ومن سمائها ترافق بنيها المسافرين في بحر هذا العالم، وتحميهم من أمواجه وعواصفه ورياحه كلما هبت على سفينة حياتهم ومجتمعهم وكنيستهم. فأصبحت لهم المرجع والملاذ”.
أضاف: “في عيد سيدة الانتقال، كان البطاركة يحتفلون في قنوبين بقداس العيد بحضور أعيان البلاد المعروفين بالمقدمين، والأساقفة، وقناصل الدول. وكانوا يوجهون ويقودون الجماعة المارونية، المعروفة “بالأمة المارونية” في الوثائق البابوية، في سعيها إلى تقرير مصيرها في هذا الشرق على ثوابت ثلاث: الأمن والحرية والخصوصية. وفي الوقت عينه تعمل، انطلاقا من فكرها المسيحي على العيش مع الآخرين والتفاعل معهم، حتى تجسد هذا الخيار التاريخي في قيام دولة “لبنان الكبير” في أول أيلول 1920، واكتمل بالاستقلال التام والميثاق الوطني سنة 1943، فكان لبنان وطن التعددية الثقافية والدينية في وحدة وطنية، ومنارة الحريات المدنية العامة والديمقراطية في هذا المحيط المشرقي. لكن هذه الخصوصية اللبنانية التي كانت فاعلة كخميرة في هذا الشرق، قد أصيبت بانتكاسات أهمها النقص في الولاء الوطني؛ ورهن الشراكة الميثاقية تدريجيا بالعدد لا بالتعددية، وبالسلاح لا بالشرعية، وبعروبة هوية لبنان لا بلبنانيتها؛ ثم الالتحاق بمشاريع إقليمية مناقضة للمشروع اللبناني. فلا بد من وقفة وطنية إصلاحية تحيي لبنان في جوهر كيانه وصيغته ودوره ورسالته، لكي تستعيد ميزة التعددية والانفتاح والروح الديمقراطية وأخلاقية التعاطي والممارسة مكانتها، ولكي يستعيد العيش المشترك المسيحي الإسلامي رونقه وجماله ورسالته في هذا الشرق وفي العالم”.
بعد القداس، استقبل الراعي المشاركين في الذبيحة الالهية، ثم التقى الوزيرة السابقة اليس الشبطيني والسيد جورج الشبطيني وعرض معهما الاوضاع العامة في لبنان والشمال.
بزعون
وللمناسبة، ترأس المطران جوزيف نفاع القداس الاحتفالي في كنيسة سيدة بزعون يعاونه كاهن الرعية الاب دمينيك نصر والخوري خليل عرب، في حضور النائب جوزيف اسحق، رئيس البلدية رامي بو فراعة والمخاتير.
وألقى نفاع عظة من وحي المناسبة، طالبا شفاعة امنا العذرا وحمايتها لينعم لبنان بالامان ويعي المسؤولون خطورة المرحلة التي نمر بها داعيا للصلاة وعيش قيم المحبة والتسامح . واقيم تطواف في شوارع البلدة واحيائها.
حصرون
وفي حصرون، ترأس كاهن الرعية الخوري انطونيوس جبارة قداس العيد في كنيسة السيدة ومار لابا وعاونه الاباء اللعازاريين جوزيف ابراهيم ولابا عساف ورمزي جريج الذي كرمته البلدة لمناسبة اليوبيل 25 لسيامته، في حضور النائب جوزيف اسحق ممثلا بعقيلته السيدة جينان ورئيس البلدية جيرار السمعاني والمخاتير وحشد من ابناء البلدة وعائلة الاب المكرم.
الى ذلك عمت القداديس والاحتفالات كنائس بشري وقرى وبلدات القضاء، حيث جالت المسيرات والتطوافات وترددت اصداء التراتيل والترانيم في ارجاء وادي قنوبين وعبقت رائحة البخور في سماء المنطقة ورفعت الصلوات في الكنائس والاديار على نية السلام في لبنان والمنطقة.