عن “التكويعة” من صحيفة “البيان ” إلى مؤسسة الصفدي

كتبت أمل زيد حمزة

لم يدرْ في خلدي يوماً أن أهجر أو أغترب عن صاحبة الجلالة.

هي مهنة تسير في شرايين دمي، أحببتُها وتعلقتُ بها منذ بداياتي العملية، وكنتُ طامحة لأن ترتقي هذه المهنة بنا نحن الباحثين عن المتاعب في مجتمع غارق في التعب والإرهاق والوجع والعذاب حتى أذنيْه، أو أن تساعدنا نقابتُنا الموقرة ودولتُنا العلية في النهوض من كبوة أصابت “الورقية” في القلب، وأردتْها طريحة الموت السريري.

توقفت “البيان” الورقية عن الصدور بعد قرار صعب وقاسٍ ترددتُ كثيراً وزمناً حتى اتخذتُه، ووجدتُ نفسي على مدى شهور حبيسة جدران لم أعتد على قضبانها منذ انخراطي في الميدان العملي لمدة ثلاثين سنة.

خشبة الخلاص من غرقي النفسي العصيب هذا مَدّتها لي صديقتي وأختي العزيزة الغالية فيوليت خير الله الصفدي: “تعالي الى المؤسسة واعملي معنا وتسلّمي مسؤولية الإعلام فيها”.

لقائي كان مع الوزير محمد الصفدي الذي أعتبره الأخ الأكبر والداعم المستمر لـ”البيان” ولي شخصياً. تم الاتفاق على مبدأ العمل ومشيتُ في الطريق المؤدية الى المؤسسة وفي خاطري ألف سؤال وسؤال: هل لا تزال المؤسسة عاملة وناشطة؟ وما هو العمل الذي سأتسلّمه في ظل هذا الواقع الغامض؟ حتى أن السؤال الأوحد الذي اجتمع عليه أقاربي وأصدقائي حين علموا بـ”وظيفتي” الجديدة كان: “ألم تقفل المؤسسة أبوابها”؟

في البدء استغربتُ بعض الشيء رغم اعتباري المؤسسة بيتي الثاني، ورغم أن كثيرين من العاملين فيها أصدقاء لي وأحباء، ولكن لا تزال الإجابة عن نشاطات المركز تقلقني.

لم يمر يومان على عملي في المؤسسة حتى أصابني الذهول، بل قولوا الدهشة والاستغراب.

يا إلهي كم من برامج وكم من مشاريع تحتضنها مؤسسة الصفدي بالتعاون والشراكة مع منظمات وجهات دولية مانحة. ولو أن المجال يتسع هنا لذكرتُها جميعها.

هل أتحدث عن المعهد المهني المعجل وعن التدريبات التي يخضع لها المستفيدون ويتحولون بعد شهور قليلة من التدريبات المكثّفة الى مواطنين ناشطين فاعلين: مستفيدين ومفيدين؟ أم أتحدث عن مركز شبابنا وما يقدّمه لشباب وشابات وأطفال وسيدات منطقة السويقة وباب الحديد من برامج وخدمات على كافة الأصعدة؟ أم عن مشروع دعم المؤسسات الصغيرة التي يستفيد منه حوالي 1100 متدرب سنوياً، أم عن أكاديمية المرأة والبرامج التي تعنى بها المؤسسة والتي تتعلق بتمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً؟ أم عن مشروع المساعدة في ترميم وتأهيل ودعم المحلات والمؤسسات الصغيرة التي تضررت عقب انفجار مرفأ بيروت؟ أم عن مشروع “أيادي” الذي يتم عبره صنع أشهى المأكولات والمعجنات في مطبخ يتمتع بكافة معايير الجودة والسلامة العامة، ليعود ريعه في ختام النهار الى العائلات الأكثر حاجة؟ أم عن التعاونية الزراعية في عكار المدعومة من جانب مؤسسة الصفدي، حيث يتم تدريب السيدات والرجال على صنع المنتوجات الزراعية والصناعات الغذائية وإتقان عمليات التوضيب والتعليب. وها هو مشروع “خيرات” يبصر النور، وهو يعتبر باكورة المشاريع المنفّذة في عكار، والذي يُفتتح قريباً لتُعرض فيه كافة منتوجات كثيرة ومتنوعة وبأسعار مدروسة….

مشاريع وبرامج على المستويات العالمية بالجملة والمفرق حوّلت مؤسسة الصفدي الى خلية نحل “ينغل” فيها الشباب والشابات مجبولين بروح الأخوة والمحبة والتعاون اللامحدود، بقيادة “القبطان” السيدة سمر بولس التي تعرف جيداً إدارة دفة القيادة والسير بالباخرة والطاقم الى الوجهة المنشودة، متجاوزة كافة العراقيل، وغير آبهة بالمصاعب التي تعترضها.

شهر مرّ على وجودي في فريق عمل المؤسسة في القسم الإعلامي، خرجتُ بعده بالنتيجة التالية المختصرة: “الشوف غير الحكي”!

نعم، مؤسسة الصفدي لا تزال مشرَّعة الأبواب ولم تقفل، كما يروّج البعض، ولديها مشاريع لسنوات كثيرة الى الأمام.

التكويعة من “البيان” الى مؤسسة الصفدي لم تكن “فلتة شوط”، بل كان فيها كل الخيرة.

عن صفحتها الفيسبوكية

مقالات ذات صلة